ثقافة

المحامية الأستاذة فايزة المقدم

الشباب هم عماد الأمّة وسرّ النهضة والحضارة ، هم الأوطان ولهم مهمّة الحفاظ على الهويّة والتاريخ والعمل على مستقبل أفضل من خلال المشاركة في قضايا الرأي العام وفي العملية السياسية واختيار الحكام والتطلّع نحو الحرية والديمقراطية والرغبة بالإبتكار والتحدّي والحماس والمخاطرة والجرأة مع القدرة العالية على الإبداع .
كل ذلك عبر ممارسة الأنشطة التعاونيّة والتطوعيّة والمساعدة في إنشاء مشاريع خدماتية والتخطيط لبيئة سليمة والمحافظة عليها ، بالإضافة إلى تعزيز الجانب الثقافي وتقوية الإقتصاد الوطني بغية الحصول على إكتفاء ذاتي للدولة .

ولأن المعرفة هي القوّة كما يقول الكاتب فرنسيس بايكون .
ولأن الخير الوحيد في العالم هو المعرفة والشرّ الوحيد في العالم هو الجهل بحسب سقراط .
فمن لم يعلّم أهله وأولاده الحق سيأتي من يعلّمهم الباطل .

من هنا ، نرى أنّ تنمية الشباب هي أولويّة ومن أهمّ المسؤوليات التي تواجه مجتمعاتنا العربية لضمان مستقبل زاهر ، لا بدّ من خلق نوع من التوازن بين تطوير الشباب والإستعانة بأهل الخبرة لأن كليهما مطلوب للإدارة والتطوير وتحقيق الهدف المنشود .

لا بدّ في هذا الإطار الإهتمام بالشباب باعتبارهم رجال الغد ، عبر تطوير الآداء وتبنّي المواهب والأفكار والإرشاد والدعم وتوفير فرص العمل وانتشالهم من البطالة والفراغ .

من هنا ، تعتبر ريادة الأعمال أحد الحلول الممكنة لحلّ مشكلة البطالة لدى الشباب والتمكين الإقتصادي للمرأة في المنطقة العربية . حيث يواجه الشباب والنساء تحديات جمّة في سعيهم لإيجاد فرص عمل وهنا يتمّ تقييم البيئة التحكيميّة لريادة الأعمال والسّعي إلى تطويرها والعمل على تعزيز دور التكنولوجيا المتقدّمة كوسائل لتوسيع ريادة الأعمال لدى الشباب والمرأة . ذلك ضمن عدّة مستوايات كالسياسات والتعليم والإستفادة من الطاقات في بلاد الإغتراب .
فلا بدّ من تزويد الشباب بالثقة والمهارات الرياديّة لاختيار العمل الحرّ والسعي نحو الإبتكار وبدء مشاريع خاصّة بهم .

إنّ الشباب هم القادة في مختلف المجالات وعلينا أن نضاعف في نفوسهم الثقة بالنفس والإيثار والتحدّي والإقدام والقيم التي تضيء مساحة الوطن وتفتح آفاق المستقبل من حيث العيش الكريم والتعلّم والتطوير .

من هنا ، فإنّ قدرة الشباب لتحقيق ريادة الأعمال والتغيير الإجتماعي تحتاج إلى تدريب وتفعيل الخبرات ووضع برامج منهجيّة على مستوى الأمّة وتفعيل برامج البناء الفكري والثقافي للشباب والإنتقال إلى مرحلة النضج والتوجّه لمرحلة المساهمة في قيادة الدولة .
فالشباب هم رافعة الوطن وعصب المجتمع لذا يقتضي إعطائهم الدعم والمكانة ليؤثّر ذلك على إنتاجيّتهم . فلا يمكن للتغيير أن يكون إيجابيّا إلّا إذا كان الشباب قادرا على صنع القوانين وتمثيل أنفسهم بصورة أفضل .
وهنا نرى أن التغيير الإجتماعي يحتاج إلى أحزاب رافعة فالمشاركة في العملية السياسية والحزبية تساهم في إحداث التغيير الإيجابي في المجتمع وفي زيادة الوعي والمعرفة والطاقة الحيوية المتجدّدة .

إنّ الإستثمار في الشباب ، تلك القوة الهائلة ، لما لهم من دور في بناء المجتمع لا يمكن تحقيقه إلّا عن طريق تسهيل الحصول على فرص عمل واستغلال الطاقات الإبداعية . ولا بدّ من التنويه للدور الأكبر للمؤسسات التربويّة والتعليمية في تشكيل ثقافة وأخلاق الشباب .
إستنادا إلى دور الشباب في بناء المجتمع ، ولأنّ الوطن يكون بخير عندما يكون الإنسان بخير. لذا جئنا نبحث عن الحقوق المشروعة التي يحتاجها الشباب وعلى المجتمع توفيرها .فإنّ المنحى القانوني للشباب الريادي يتمثّل :
أوّلا : الحقّ بالتعليم وهو من أهمّ الحقوق التي نادت بها الأمم المتحدة في نصوص واتفاقيات حقوق الإنسان في كافة بقاع الأرض .
ثانيا : الحق بتوفير فرص عمل تلائم إمكانيات الشباب وتكفل لهم حياة كريمة .
ثالثا : الحق في الإستماع إلى أفكار الشباب وتبنّي مشروعاتهم مع تقديم الدعم اللازم لهم .
رابعا : الحق في التعبير عن الرأي بمنتهى الحرية والتخلّص من سياسات الترهيب والتخويف والمحسوبيات وتولّي المناصب دون تمييز لأيّ مستوى إجتماعي أو جندري معيّن .
خامسا : الحق في إشراك الشباب في الخطط التعليمية ووضع مناهج الدراسة الحديثة التي تتماشى مع متطلّبات العصر .
سادسا : الحق في توفير المعاملة الجيّدة للشباب وعدم الإستهانة بهم والتعدّي على حقوقهم والحق بمساعدتهم على التثقيف وتنمية المهارات والمواهب الرياضية والفنية وإزالة كافة المعوقات من طريقهم .

إنّ دور الشباب في بناء المجتمع لا يجب الإستهانة به . فالمجتمعات تعلو وتنحدر وفقا لطريقتها في التعامل مع شبابها والحقوق المشروعة التي توفّرها لهم أو تحرمهم منها .

من هنا ، أدعو القيّمين على أصحاب القرار في لبنان وأوطاننا العربية مضاعفة الرعاية بالشباب والإهتمام بهم وكما أطالب جميع الجهات المسؤولة والفاعلة إلى تبنّي مشروع يشترك فيه الشباب لإبراز ثقافة التفاؤل والأمل والتربية على الحوار والإرتقاء إلى المستوى المطلوب من خلال المؤسسات والجهات ذات الصّلة بثقافة الحوار وتطوير الذات والمؤسسات المسؤولة عن التطوّع وغيرها من المشاريع التي يجب تفعيلها حتى يصار إلى تقوية مهاراتهم وبناء مداركهم وملء أوقات الفراغ لديهم .

ولا بدّ لي أن أطالب أصحاب الشأن في المجال الشبابي الإلتفات إلى الشباب وإقرار مشاريع فكرية وتنمويّة لهم ، مما يشكل مدخلا حقيقيا للإستفادة من جهودهم وقدراتهم في عملية التنمية الوطنية والحسّ بالمسؤولية والدعم المعنوي الذي يفضي الى تخفيف آلام الشباب وإبعاد شبح اليأس والإحباط عنهم والحدّ من الهجرة إلى الخارج .

من هذا المنطلق أقول للشباب اللبناني : صمّموا واعزموا وكونوا أصحاب همم عالية ، ففي الشّغف والمثابرة والعزم تبتكر المعرفة والقوة والنجاح . فأنتم تمتلكوا إمكانيات كبيرة قادرة على المساهمة بإيجابية في بناء الوطن .
أخيرا ، نحن بحاجة إلى ترميم أوطاننا لأسباب يعرفها الجميع وهذه المهمّة صعبة ولكنها ليسة مستحيلة .

في جميع الأحوال ، يبقى الشباب بالصدارة للقيام بتطوير الوطن إقتصاديا وسياسيا وتأهيليّا وأكاديميّا وعلميّا وعمليّا فكريا ورياضيا ثقافيا وإبداعيّا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى