أُولى آياتِ يسوع أَتى بها في قانا الجَليل، فأَظهَرَ مَجدَه فَآمَنَ بِه تَلاميذُه.
فقالَ لَهم: اِغرِفوا الآنَ وناوِلوا وَكيلَ المائِدَة. فناوَلوه،
تشير عبارة “اِغرِفوا الآنَ” إلى الخَدم الذين استقوا الماء بأنفسهم شهودًا على الأعجوبة الكائنة، ويشهدون أن الأعجوبة لم تكن خيالًية. أمَّا عبارة ” وَكيلَ المائِدَة ” فتشير إلى مدير التشريفات، وهي عادة شرقية حيث يتبرع رجل مرموق الكرامة من أهل العريس بتنظيم وإدارة حفل العرس، ولذلك فهو يظل يقظا دون أن يسكر فلا يخلّ ُّ بالواجبات؛ فشهادته لها قيمتها. ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم” أنه لكيلا يقول أحد أن الشهادة قد صدرت عن أناس سكارى لا يدرون الفارق بين الخمر والماء، جاءت الشهادة من وَكيلَ المائِدَة الذي يحرص ألاَّ يسكر، إذ يلتزم بتدبير أمر العرس بوقارٍ وحكمةٍ”. وكون المسيح هو الذي يطلب أن يشرب وَكيلَ المائِدَة فهذا يشير أنَّ المسيح هو العريس الحقيقي والكل مدعوِّيه. والمسيح أيضًا لم يكلّف وَكيلَ المائِدَة بتصديق استحالة الماء إلى خمر ما لم تثبت صحتها بشهادة ذوقه، إذ أراد أن يعترف وَكيلَ المائِدَة بنوعية الخمر التي تحمل قوة إلهية قادرة أن تعطي فرحًا حقيقيًا لوجود الله. شهادة وَكيلَ المائِدَة تثبت حقيقة المعجزة.
عرفت مريم كيف تكون حاضرة لحضور الله، عرفت كيف تسمع كلمة الله وتعمل بها. فكما ولدت مريم يسوع، هكذا في قانا، ساعدت ابنها ثانيةً كي يُولد في حياته العَلنية، ليبدأ رسالته ويُظهر مجده. فدور مريم رئيسي هو لفت انتباه يسوع إلى نقص الخمر. وبالرغم من تباين وجهتي النظر بين يسوع وأمِّه حول ساعته لعمل المعجزات ولخلاص البشر، فقد خضعت بكل كيانها لسر تلك الساعة؛ إنها التلميذة الأولى.