إقتصاد

صيرفة”: من “نعمة” في زمن الانهيار.. إلى “نقمة” في زمن “الاستقرار”!

 فعلتها وزارة المال… وأصدرت اليوم بياناً يتعلق “بالتصريح وتسديد الضريبة على الأرباح المُحَققة نتيجة القيام بعمليات على منصّة “صيرفة” بموجب أحكام المادة 93 من قانون الموازنة العامة للعام 2024، وذلك في مهلة أقصاها 30/9/2024″.

في الظاهر كما في المضمون، يؤشّر هذا القرار إلى هدف وحيد هو تحصيل أكبر قدر ممكن من الضرائب لملء الخزينة العامة الفارغة – بفعل الهدر الذي استفحل في مشاريع الدولة على مدى عقود حتى اليوم – لتغطية استحقاقات متوَقّعة.. وأخرى داهمة.

لكن مصدراً مالياً لـ”المركزية”، قرأ في هذا القرار ثلاثة أجزاء:

– الأول، وجوب أن تصرّح الشركة التي حصّلت أموالاً طائلة من “صيرفة”، عن حجم هذه الأرباح لدى المصارف، في حين أن الأخيرة لا يمكنها إفشاء السريّة المصرفيّة لوزارة المال، إلا إذا توفّر لها غطاءٌ رسمي من الحكومة، وهذا أمر تقني ممكن إنجازه. علماً أنه يظهر جلياً عبر التدقيق المحاسبي في ميزانيات الشركات، حجم الأرباح التي حققتها من “صيرفة”، وفي ضوء ذلك تسدّد الضرائب المتوجبة عليها.

– الثاني: استثنى وزير المال موظفي القطاع العام من هذا القرار، الأمر الذي سيخلق إشكالية كبيرة لدى موظفي القطاع الخاص الذين سيعتبرون أنفسهم مغبونين لعدم إعفائهم من القرار أسوةً بموظفي القطاع العام!

– الثالث: ليس من صلاحيات المصارف أن تحصّل بنفسها الضرائب، بل يجب أن يكون استيفاء الضريبة من الشركة إلى الدولة مباشرة، كونها “ضريبة على الأرباح”. فالمصرف لا يمكنه أن يستوفي الضرائب من الزبائن، إنما جُلّ ما يمكن فعله هو تبليغ الجهة الرسمية التي تؤمِّن له الغطاء القانوني، بحجم الأرباح التي حققوها فقط لا غير. خصوصاً أن الحسابات آنذاك كانت بالـ”لولار” وبالتالي تم تسديد غالبية تلك الحسابات، وفي هذه الحال كيف يمكن للمصرف الذي أقفل هذه الحسابات أن يتّصل بأصحابها ويطلب منهم تسديد الضريبة الجديدة موضوع قرار وزارة المال؟!

ويخلص المصدر إلى القول: إذا كان المطلوب اليوم فرض هذه الضريبة على الأرباح المُحَققة من عمليات جرت عبر منصّة “صيرفة”، فالضريبة الأكبر التي يمكن استيفاؤها ترتبط بأرباح الشركات، كون آليّتها ممكنة ضمن حل معقول وجائز… لكن فرضها على الأفراد وملاحقة مئات الآلاف منهم  لمطالبتهم بضريبة على أرباح حققوها على قياسهم في ذلك الوقت، فهذا أمر من الصعب تطبيقه، خصوصاً أن مجرّد مطالبتهم بها سيعلّقون تلقائياً بالقول “أعطونا أموالنا العالقة في المصارف أولاً، ثم طالبونا بالضريبة”!

وإذ يشجّع في الختام، على “استيفاء هذه الضريبة من الشركات عبر دخول مفوّضي التدقيق في ضريبة الدخل، إلى حساباتها وكشف الأرباح التي حققتها”، يشدد المصدر على “وجوب تأمين غطاء رسمي لكشف السريّة المصرفيّة عن المستفيدين”.

ميريام بلعة

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى